مطرب كويتي مواليد عام 1945 ودخل سماء الاغنية في عمر 17 عاما، حماسه للاغنية وصوته الجميل وذكاؤه ساعده كل ذلك على اقتحام المجال بكل قوة بدأ حياته الفنية وهو شاب يافع لم يتجاوز عشرين عاما، وبدأ يصعد سلم النجاح بثبات خطوة خطوة، حتى تربع على القمة وهو من المطربين القلائل الذين اجادوا الغناء التراثي العربي على اختلافه ... فنراه قد غنى المقام العراقي و البسته العراقيه فضلا عن غنائه لكثير من الاغاني المصريه خاصه للمطرب كارم محمود مثل ( امانه عليك و على شط بحر الهوى ) وغيرها وكذلك غنى للمطرب السوري صباح فخري , وفي سبعينيات القرن الماضي شارك بالغناء في برنامج المسابقات ( سين جيم ) حين غنى كثير من الوان الغناء العربي
الجنسية: الكويت
تاريخ الوفاة: 18 مارس 2016
الجنسية: الكويت
تاريخ الوفاة: 18 مارس 2016
صالح الحريبي (1945 - 18 مارس 2016) فنان كويتي يعتبر من الرواد وهو من حجر الأساس في تاريخ الفن الكويتي
وصف صالح الحريبي بأنه واحد من أشهر الأصوات الغنائية التي برزت خلال ستينات القرن الماضي، واشتهر بأغانيه التراثية وبأغنية برق تلألأ التي كانت نقطة تحول كبيرة في تجربته. حافظ الحريبي للأعمال النادرة للتراث الكويتي، ولديه خامة صوت جميلة وقدرة على التلوين ومتمكن بسهولة ونعومة في انتقاله بين القرار والجواب مصحوبا بحس شجن واداء تعبيري عال. وقدم المقامات العربية والشرقية لكبار الفنانين العرب بينهم الموسيقار محمد عبد الوهاب وغنى الطرب العراقي واللبناني
ظهر الحريبي في مسلسل درب الزلق في أغنية على بلد المحبوب وديني وأغنية دقوا المزاهر
لفظ أنفاسه بعد عطاء دام أكثر من 50 عاماً
فقدت الساحة الغنائية المطرب صالح الحريبي، الذي اشتهر بصوته الجميل وقدرته على التلوين في الأداء، إذ لم تمنعه صعوبة اللهجات الأخرى من أداء أغنيات بمعظم اللهجات العربية، الحريبي كان محبوه «يتحرونه» في كل إطلالة غنائية، ويتوقون إلى لقائه ومصافحة صوته الشجي، وإن طال الغياب «سنين طويلة»، فهم يعدون «الدقايق والثواني»، حالمين بعودته بالسلامة وسماع صوته
الحريبي يملك رصيداً كبيراً في ذاكرة الجمهور، فالأغاني التي أداها على مدى 50 عاماً ضمنت له مكانة مرموقة لدى العشاق والمحبين، كما أنه يصنف ضمن قائمة «المجددين والمطورين» في مجال الأغنية العاطفية، فقد ساهم في تطوير هذا اللون الغنائي مع مجموعة من زملائه، كما أنه تميز بإمكانات كبيرة في أداء الغناء الشرقي الأصيل، وحصل الحريبي على تذكرة المرور إلى عالم الغناء من بوابة أغنيات الفنان محمد عبدالوهاب «يا وابور قولي رايح على فين»، ثم «عندما يأتي المساء»، وبعد ذلك وافقت اللجنة المكلفة بانتقاء الأصوات
على دخوله إلى التلفزيون
ولم يدر بخلد الحريبي أن مشاركته في مسلسل «درب الزلق» الأشهر خليجياً ستتكفل بمضاعفة الشهرة والانتشار، ليس على المستوى المحلي فقط، بل خليجيا وعربيا، إذ كان لهذا الحضور الغنائي في المسلسل ومن خلال أداء أغنية «على بلد المحبوب وديني» مفعول السحر، وفعلا أخذته بيده إلى بلدان أخرى وتعرف إليه كثيرون من خلال هذا الظهور الدرامي الوحيد، الذي يُغني الحريبي عن أي ظهور آخر
شيع عصر أمس المطرب صالح الحريبي إلى مثواه الأخير في مقبرة الصليبيخات، وقد توفي بعد معاناة مع المرض
ويعد الحريبي من أشهر الأصوات الغنائية وأعذبها في فترة الستينيات، واستمر عطاؤه أكثر من 50 عاماً، إلى أن اقتصرت مشاركاته خلال الأعوام القليلة الماضية على الأمسيات التي ينظمها المجلس الوطني أو السهرات التلفزيونية
ولد الحريبي في مدينة الكويت 1945، برزت موهبته الغنائية منذ أن كان طالباً في مدرسة الخليل بن أحمد الابتدائية في منطقة كيفان 1962، حيث كان عضوا فاعلاً في النشاط الموسيقي الذي تقيمه المدرسة
سجل عام 1963 أول أغنية له في استديو الموسيقى في الإذاعة الكويتية مع الفرقة الموسيقية، بعنوان «ليش بس يعني»، من ألحان الفنان يوسف المهنا
بعد ذلك استمر في الغناء، خصوصا في الإذاعة الكويتية التي كانت تضع ضوابط على إذاعة أو تسجيل أي أغنية ضمن استديوهاتها، إذ تنتقي موادها المذاعة من تسجيلات الفنانين المجازين لديها، ومن الأغنيات التي شدا بها الحريبي في بداياته أغنية بعنوان «أعز كتاب وصلني»، من كلمات سلطان عبدالله السلطان وألحان يوسف المهنا
الأكثر شهرة
من أكثر أغنيات الحريبي التي نالت حظوة عند الجمهور، «برق تلالى»، من كلمات عبدالمحسن الهزاني وألحان المهنا، و»يا صاحبي»، من كلمات الشاعر صقر النصافي واللحن تراثي، و»هب الهوى وناداني»، من ألحان عبدالرحمن البعيجان وكلمات الشاعر منصور الخرقاوي
الأغنية العاطفية
جنح الحريبي إلى الأغنية العاطفية منذ بداياته الغنائية، كانت بدايته متزامنة مع بداية تطوير الأغنية الكويتية، مع مجموعة من المطربين منهم شادي الخليج، عوض دوخي وغريد الشاطئ
من الأغنيات العاطفية التي شدا فيها في بداياته: «هب الهوى وناداني» و«اسمك حبيبي» و«تحريتك» التي كتبها يوسف المهناا ولحنها، من كلماتها:
تحريتك سنينٍ طويلة .. وأنا خايف إن قلبك نساني
على شوفتك كل يوم و ليله .. اعد الدقايق و الثواني عيون الملا ليلها نياما .. و أنا عيني تجزي ما تناما
عسى الله يردك بالسلامة .. و تسلملي يا حلو المعاني
لا وا حسرتي وش عاد أسوي .. في وسط الحشا نار تشوي
حبيبي متى نورك يضوي .. ظلامٍ من الفرقا غشانيلطيف الحشى ويش اللي خلاك .. حرمته الهنا قلبٍ ترجاك
عليم الله قلبي ما تناساك .. ولا عن هواك احدٍ نهاني
هوى البال عجل بالرجوعي .. ترى الشوق ولع بالضلوعي
متى ضامرك يصحى ويوعي .. كفا من عذابي ما كفاني
أرض الكنانة
استثمر الحريبي وجوده في القاهرة لقضاء إجازته السنوية، فسجل أغنية «أيامي راحت»، من كلمات عبدالوهاب محمد وألحان الموسيقار محمد الموجي. في الفترة نفسها سجل أغنية من كلمات الشاعر علي الربعي
«درب الزلق»
حقق ظهور الفنان الراحل صالح الحريبي في مسلسل «درب الزلق» الكثير من المكاسب، ولاسيما أن هذه المشاركة الأهم، لأن المسلسل يعد الأشهر خليجيا والأكثر مشاهدة إلى الآن بالرغم من انتاجه في منتصف السبعينيات، إذ غنى الحريبي أغنية «على بلد المحبوب وديني» ضمن مشهد العرس الذي أقامه قحطة على نبوية شبشب في مصر
وهذا الظهور تكفل بمضاعفة شهرة الحريبي، ولاسيما أنه يؤدي أغنية مصرية، وكان أن بهر المشاهدين في قدرته على أداء اللهجة المصرية بإتقان
ويكفي الحريبي هذا الحضور الدرامي الغنائي من خلال المسلسل، إذ لم يكن محتاجا إلى خوض تجربة درامية جديدة تمنحه المزيد من الشهرة والانتشار
في السبعينيات، عرضت عليه أغنية بعنوان «يا صلاة الزين»، وهي أغنية مصرية قديمة، ولأنه كان معجبا بها، فقد غناها في الإذاعة والتلفزيون، لكن بأسلوبه الخاص، وقدمها في أكثر من حفلة ومناسبة على خشبة المسرح، وقد حققت له نجاحا كبيرا ليس في نطاق الكويت فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى دول خليجية وعربية مجاورة
ولأنه عاشق للغناء الشرقي، سجل الحريبي مجموعة من الأغنيات التي قدمها عبدالوهاب سابقا، على إثر اتفاق جرى بينهما في القاهرة، وسبق للحريبي أن غنى بعض أغنيات عبدالوهاب وحققت نجاحا فنيا كبيرا
الموشحات
اشتهر الحريبي باهتمامه بالتواشيح والغناء الديني، ويرجع ذلك إلى عمق ثقافته وإحساسه المفرط بالمقامات الموسيقية، ومعروف أن التواشيح الدينية تمتاز بثروة من المقامات وحبكة الصنعة الفنية، كالتنقل من مقام إلى آخر، والتفاعلات المدروسة في الجمل الموسيقية
وبرز اهتمامه بالغناء الديني في بداياته الفنية، لكنه ازداد تعلقاً بالابتهالات والتواشيح في الثمانينيات
شارك الحريبي عام 1987 مع عبدالكريم عبدالقادر وعبدالله الرويشد ونبيل شعيل ومصطفى أحمد في عمل غنائي ديني كبير، كتبه الشاعر يعقوب السبيعي ولحنه الفنان القدير يوسف المهنا
في مجال الغناء الوطني، قدم الحريبي أعمالا عدة، منها أغنية «حبيب الشعب»، كتبها الشاعر الشيخ خليفة العبدالله الخليفة، ولحنها سعيد البنا. يقول مطلعها:
والله بحبك حب
ماكو أبد مثله
حبك عظيم في القلب
يسوى العمر كله
وأغنية «خطاك السوء»، من كلمات ماجد المهنا ولحن عثمان السيد
غناء القصيدة
يعد الحريبي من أشهر المطربين الكويتيين الذين اتجهوا إلى غناء القصيدة، فقدم كثيرا من أغنيات الفصحى في السبعينيات والثمانينيات
ومن الشعراء الذين تعاون معهم: يعقوب عبدالعزيز الرشيد، الذي قدم له أغنية «سواقي»، من تلحين حسين أمين. يقول مطلعها:
تثاءب الحب أم جفت سواقيه
أم أننا لم نعد نحيا أغانيه
وفي عام 1983، غنى من كلمات الرشيد قصيدة بعنوان «هد خاطري» يقول فيها:
لا تلومي فإنني
ضقت ذرعاً بمن عذل
أو تظني بأنني
أبعدتني يد الوجل
فالندى هد خاطري
وعشت به العلل
في السنوات الأخيرة من مشواره الفني الطويل، غنى الحريبي لعدد من الشعراء، من بينهم: عدنان الشايجي في أغنية «زمان الحب» وعبدالله العبودي في أغنية «كوني مثل ما تبين»
وقد تعاون الحريبي في حياته الفنية مع ملحنين كثر، أبرزهم عثمان السيد، الذي لحن له «دارت الأيام»، من كلمات عبدالخضر عباس، و»لو بيديني» من كلمات أحمد اليتيم، و»تمنيت لو النجمة» من كلمات سليمان المرداس، الذي كتب له أيضا أغنيتي «شموع الحب» و«هو حبي»، و«وعدتك» من كلمات محمد محروس، و«قولوا لحبيبي»
لم يود الحريبي أن يكون بعيداً عن التجديد، إذ قرر التعاون في الثمانينيات مع مجموعة من العناصر الشبابية، وخصوصاً في مجال الكلمة، حيث قدم أغنية «يا قلبي من أنت»، ألحان عبدالله أبوغيث، وأغنية «من كثر شوقي»، تأليف ناشي الحربي وألحان ناجي البعيجان
وغنى الحريبي من كلمات الشاعر ماجد المهنا أكثر من أغنية، من تلك الأعمال «شيلات» وطنية من ألحان د. بندر عبيد مع هدى حسين وسارة المعتوق
من أقواله
• «أغنياتي قدمتها عن اقتناع تام، لذا لا أجد هناك مفاضلة بينها»
• أحسست بعطش الناس إلى التراث والماضي. وجدت لديهم قبولا لتراثنا العريق حينما أقدمه بشكل محبب جميل
• كانت الأغنية الكويتية قديما تقدم كلمات وألحانا ذات قيمة فنية عالية وتستند على إرث مدروس
• ثمة أصوات ممتازة، قد لا تنجح جماهيريا، لكنها أصوات مميزة قوية، فلابد أن تتكفل بها وزارة الإعلام
• الفن ليس له وطن، ولا يوجد له تصنيف في بلدان العالم كله، أحب الفن للفن من دون النظر إلى المردود المادي
• الفولكلور هو المرآة الصادقة لكل وطن عربي، وهو الهوية التي تحدد ملامح هذا البلد، ثقافته وحضارته، ولابد لكل مطرب من أن يتأثر به كي يكون مختلفا ومتميزا عن زملائه في أرجاء الوطن العربي
• السبب في تدهور الأغنية الكويتية غياب لجان سماع الصوت واللحن، وإجازة النصوص التي كانت موجودة سابقا، ومن يتحكم الآن هو شركات الإنتاج
• نحن من بدأنا المهرجانات، أقمنا مهرجان التلفزيون عام 1982
وزير الإعلام ينعى الحريبي
نعى وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان الحمود ببالغ الأسى والحزن والألم أحد أعمدة الحركة الفنية والغنائية بدولة الكويت والخليج العربي الفنان صالح الحريبي الذي وافته المنية عن عمر يناهز 70 عاما
وقال الحمود لـ«كونا» إن رحيل الفقيد الحريبي يمثل خسارة كبيرة للأسرة الفنية الكويتية والخليجية والعربية على حد سواء، لما كان يتمتع به من دماثة خلق وإبداعات فنية كبيرة
وأضاف أن الراحل أحد رواد الفن في ستينيات القرن الماضي بما ملكه من صوت جميل قدم خلال رحلته الفنية ألوانا متنوعة من الفن كالتراث الشعبي والمقامات العربية والشرقية لكبار الفنانين العرب ومن أشهر أعماله أغنية «برق تلالا» وظهوره في مسلسل «درب الزلق» الشهير بأغنية «على بلد المحبوب وديني» كما قدم الراحل برنامج «محمل الفنون» على تلفزيون دولة الكويت
وتقدم الحمود بخالص العزاء لأسرة الفقيد الفنان الكبير وللأسرة الفنية الكويتية والخليجية، داعيا المولى تعالى أن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله ومحبيه جميل الصبر والسلوان
حكاية أولى أغنياته «ليش بس يعني؟في أحد الأيام زار الفنان صالح الحريبي يوسف المهنا بمنزله في حولي، وصادف أن نُشر خبر في إحدى الصحف المحلية عن الحريبي مفاده: ظهور صوت جديد يغني للمرة الأولى في مدرسته بمنطقة كيفان
ولأن الحريبي يعرف أن يوسف المهنا يعزف على العود، فقد طلب منه أن يعزف له، فأسمعه لحنا جميلا حديثا وكلمات جديدة أعجب بها، فسأله: هل هذا لحنك؟ فرد عليه المهنا: إنه لحني وكلماتي، فقال الحريبي: «أريد هذه الأغنية»، وحفظها في اليوم نفسه، وأخبر المهنا بأنه سيسجلها في الإذاعة
كانت تلك اللحظات بالنسبة ليوسف المهنا بمنزلة حلم، وفي اليوم الثاني اصطحبه الحريبي إلى الإذاعة
البداية كانت عند المسؤول عن قسم الموسيقى في الإذاعة الكويتية القديمة، آنذاك، فعلم أن لدى المهنا لحناً عاطفياً وآخر وطنياً، فقرأهما وحولهما إلى الفنان نجيب رزق الله، الذي طلب من المهنا أن يسمعه اللحن، فعزف وغنى «ليش بس يعني؟». أعجب به رزق الله، وقال له: «وكمان صبا؟»، يقصد صعوبة هذا المقام وإمكاناته الفنية المحصورة في مكان معين
وأضاف: «أنت الآن ملحن، لكن أمام خيارين يجب أن تعدني بأن تطور قدراتك في العزف، وتحاول تعلمه على أيدي أساتذة العود
عبدالرحمن الحريبي يتذكر اللحظات الأخيرة
وبصوت خافت وبنبرة حزينة، قال الفنان عبدالرحمن الحريبي، ابن الراحل، إن والده وافته المنية فجر أمس الساعة الواحدة والنصف، عقب توقف عمل القلب والرئة، وفق ما ذكر له الأطباء في مستشفى الفروانية
واستذكر الحريبي الصغير معاناة والده مع مرض القلب والرئة منذ عام 2009، التي كانت تشتد عليه على فترات متباعدة خلال الأعوام الماضية، فقد كان يعاني يرحمه الله منذ تبعات هذه النوبات التي تعكر عليه صفو حياته
وقال: «لا أجد المفردات التي تمنح والدي حقه في كلمة رثاء أو شهادة من شخص عاش في كنفه، اليوم نفقد أباً نقياً ومربياً فاضلاً وفناناً كبيراً أفنى حياته في خدمة الفن وإسعاد الناس، فقد كان لنا السند والعون خلال أحلك الظروف التي نعيشها، فلم نشاهده يوماً منكسراً، بل كان دائماً يأمل بتجاوز العثرات والتفوق عليها بالإصرار والعزيمة، وأشكر كل الذين ساندونا في هذا المصاب
وصف صالح الحريبي بأنه واحد من أشهر الأصوات الغنائية التي برزت خلال ستينات القرن الماضي، واشتهر بأغانيه التراثية وبأغنية برق تلألأ التي كانت نقطة تحول كبيرة في تجربته. حافظ الحريبي للأعمال النادرة للتراث الكويتي، ولديه خامة صوت جميلة وقدرة على التلوين ومتمكن بسهولة ونعومة في انتقاله بين القرار والجواب مصحوبا بحس شجن واداء تعبيري عال. وقدم المقامات العربية والشرقية لكبار الفنانين العرب بينهم الموسيقار محمد عبد الوهاب وغنى الطرب العراقي واللبناني
ظهر الحريبي في مسلسل درب الزلق في أغنية على بلد المحبوب وديني وأغنية دقوا المزاهر
لفظ أنفاسه بعد عطاء دام أكثر من 50 عاماً
فقدت الساحة الغنائية المطرب صالح الحريبي، الذي اشتهر بصوته الجميل وقدرته على التلوين في الأداء، إذ لم تمنعه صعوبة اللهجات الأخرى من أداء أغنيات بمعظم اللهجات العربية، الحريبي كان محبوه «يتحرونه» في كل إطلالة غنائية، ويتوقون إلى لقائه ومصافحة صوته الشجي، وإن طال الغياب «سنين طويلة»، فهم يعدون «الدقايق والثواني»، حالمين بعودته بالسلامة وسماع صوته
الحريبي يملك رصيداً كبيراً في ذاكرة الجمهور، فالأغاني التي أداها على مدى 50 عاماً ضمنت له مكانة مرموقة لدى العشاق والمحبين، كما أنه يصنف ضمن قائمة «المجددين والمطورين» في مجال الأغنية العاطفية، فقد ساهم في تطوير هذا اللون الغنائي مع مجموعة من زملائه، كما أنه تميز بإمكانات كبيرة في أداء الغناء الشرقي الأصيل، وحصل الحريبي على تذكرة المرور إلى عالم الغناء من بوابة أغنيات الفنان محمد عبدالوهاب «يا وابور قولي رايح على فين»، ثم «عندما يأتي المساء»، وبعد ذلك وافقت اللجنة المكلفة بانتقاء الأصوات
على دخوله إلى التلفزيون
ولم يدر بخلد الحريبي أن مشاركته في مسلسل «درب الزلق» الأشهر خليجياً ستتكفل بمضاعفة الشهرة والانتشار، ليس على المستوى المحلي فقط، بل خليجيا وعربيا، إذ كان لهذا الحضور الغنائي في المسلسل ومن خلال أداء أغنية «على بلد المحبوب وديني» مفعول السحر، وفعلا أخذته بيده إلى بلدان أخرى وتعرف إليه كثيرون من خلال هذا الظهور الدرامي الوحيد، الذي يُغني الحريبي عن أي ظهور آخر
شيع عصر أمس المطرب صالح الحريبي إلى مثواه الأخير في مقبرة الصليبيخات، وقد توفي بعد معاناة مع المرض
ويعد الحريبي من أشهر الأصوات الغنائية وأعذبها في فترة الستينيات، واستمر عطاؤه أكثر من 50 عاماً، إلى أن اقتصرت مشاركاته خلال الأعوام القليلة الماضية على الأمسيات التي ينظمها المجلس الوطني أو السهرات التلفزيونية
ولد الحريبي في مدينة الكويت 1945، برزت موهبته الغنائية منذ أن كان طالباً في مدرسة الخليل بن أحمد الابتدائية في منطقة كيفان 1962، حيث كان عضوا فاعلاً في النشاط الموسيقي الذي تقيمه المدرسة
سجل عام 1963 أول أغنية له في استديو الموسيقى في الإذاعة الكويتية مع الفرقة الموسيقية، بعنوان «ليش بس يعني»، من ألحان الفنان يوسف المهنا
بعد ذلك استمر في الغناء، خصوصا في الإذاعة الكويتية التي كانت تضع ضوابط على إذاعة أو تسجيل أي أغنية ضمن استديوهاتها، إذ تنتقي موادها المذاعة من تسجيلات الفنانين المجازين لديها، ومن الأغنيات التي شدا بها الحريبي في بداياته أغنية بعنوان «أعز كتاب وصلني»، من كلمات سلطان عبدالله السلطان وألحان يوسف المهنا
الأكثر شهرة
من أكثر أغنيات الحريبي التي نالت حظوة عند الجمهور، «برق تلالى»، من كلمات عبدالمحسن الهزاني وألحان المهنا، و»يا صاحبي»، من كلمات الشاعر صقر النصافي واللحن تراثي، و»هب الهوى وناداني»، من ألحان عبدالرحمن البعيجان وكلمات الشاعر منصور الخرقاوي
الأغنية العاطفية
جنح الحريبي إلى الأغنية العاطفية منذ بداياته الغنائية، كانت بدايته متزامنة مع بداية تطوير الأغنية الكويتية، مع مجموعة من المطربين منهم شادي الخليج، عوض دوخي وغريد الشاطئ
من الأغنيات العاطفية التي شدا فيها في بداياته: «هب الهوى وناداني» و«اسمك حبيبي» و«تحريتك» التي كتبها يوسف المهناا ولحنها، من كلماتها:
تحريتك سنينٍ طويلة .. وأنا خايف إن قلبك نساني
على شوفتك كل يوم و ليله .. اعد الدقايق و الثواني عيون الملا ليلها نياما .. و أنا عيني تجزي ما تناما
عسى الله يردك بالسلامة .. و تسلملي يا حلو المعاني
لا وا حسرتي وش عاد أسوي .. في وسط الحشا نار تشوي
حبيبي متى نورك يضوي .. ظلامٍ من الفرقا غشانيلطيف الحشى ويش اللي خلاك .. حرمته الهنا قلبٍ ترجاك
عليم الله قلبي ما تناساك .. ولا عن هواك احدٍ نهاني
هوى البال عجل بالرجوعي .. ترى الشوق ولع بالضلوعي
متى ضامرك يصحى ويوعي .. كفا من عذابي ما كفاني
أرض الكنانة
استثمر الحريبي وجوده في القاهرة لقضاء إجازته السنوية، فسجل أغنية «أيامي راحت»، من كلمات عبدالوهاب محمد وألحان الموسيقار محمد الموجي. في الفترة نفسها سجل أغنية من كلمات الشاعر علي الربعي
«درب الزلق»
حقق ظهور الفنان الراحل صالح الحريبي في مسلسل «درب الزلق» الكثير من المكاسب، ولاسيما أن هذه المشاركة الأهم، لأن المسلسل يعد الأشهر خليجيا والأكثر مشاهدة إلى الآن بالرغم من انتاجه في منتصف السبعينيات، إذ غنى الحريبي أغنية «على بلد المحبوب وديني» ضمن مشهد العرس الذي أقامه قحطة على نبوية شبشب في مصر
وهذا الظهور تكفل بمضاعفة شهرة الحريبي، ولاسيما أنه يؤدي أغنية مصرية، وكان أن بهر المشاهدين في قدرته على أداء اللهجة المصرية بإتقان
ويكفي الحريبي هذا الحضور الدرامي الغنائي من خلال المسلسل، إذ لم يكن محتاجا إلى خوض تجربة درامية جديدة تمنحه المزيد من الشهرة والانتشار
في السبعينيات، عرضت عليه أغنية بعنوان «يا صلاة الزين»، وهي أغنية مصرية قديمة، ولأنه كان معجبا بها، فقد غناها في الإذاعة والتلفزيون، لكن بأسلوبه الخاص، وقدمها في أكثر من حفلة ومناسبة على خشبة المسرح، وقد حققت له نجاحا كبيرا ليس في نطاق الكويت فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى دول خليجية وعربية مجاورة
ولأنه عاشق للغناء الشرقي، سجل الحريبي مجموعة من الأغنيات التي قدمها عبدالوهاب سابقا، على إثر اتفاق جرى بينهما في القاهرة، وسبق للحريبي أن غنى بعض أغنيات عبدالوهاب وحققت نجاحا فنيا كبيرا
الموشحات
اشتهر الحريبي باهتمامه بالتواشيح والغناء الديني، ويرجع ذلك إلى عمق ثقافته وإحساسه المفرط بالمقامات الموسيقية، ومعروف أن التواشيح الدينية تمتاز بثروة من المقامات وحبكة الصنعة الفنية، كالتنقل من مقام إلى آخر، والتفاعلات المدروسة في الجمل الموسيقية
وبرز اهتمامه بالغناء الديني في بداياته الفنية، لكنه ازداد تعلقاً بالابتهالات والتواشيح في الثمانينيات
شارك الحريبي عام 1987 مع عبدالكريم عبدالقادر وعبدالله الرويشد ونبيل شعيل ومصطفى أحمد في عمل غنائي ديني كبير، كتبه الشاعر يعقوب السبيعي ولحنه الفنان القدير يوسف المهنا
في مجال الغناء الوطني، قدم الحريبي أعمالا عدة، منها أغنية «حبيب الشعب»، كتبها الشاعر الشيخ خليفة العبدالله الخليفة، ولحنها سعيد البنا. يقول مطلعها:
والله بحبك حب
ماكو أبد مثله
حبك عظيم في القلب
يسوى العمر كله
وأغنية «خطاك السوء»، من كلمات ماجد المهنا ولحن عثمان السيد
غناء القصيدة
يعد الحريبي من أشهر المطربين الكويتيين الذين اتجهوا إلى غناء القصيدة، فقدم كثيرا من أغنيات الفصحى في السبعينيات والثمانينيات
ومن الشعراء الذين تعاون معهم: يعقوب عبدالعزيز الرشيد، الذي قدم له أغنية «سواقي»، من تلحين حسين أمين. يقول مطلعها:
تثاءب الحب أم جفت سواقيه
أم أننا لم نعد نحيا أغانيه
وفي عام 1983، غنى من كلمات الرشيد قصيدة بعنوان «هد خاطري» يقول فيها:
لا تلومي فإنني
ضقت ذرعاً بمن عذل
أو تظني بأنني
أبعدتني يد الوجل
فالندى هد خاطري
وعشت به العلل
في السنوات الأخيرة من مشواره الفني الطويل، غنى الحريبي لعدد من الشعراء، من بينهم: عدنان الشايجي في أغنية «زمان الحب» وعبدالله العبودي في أغنية «كوني مثل ما تبين»
وقد تعاون الحريبي في حياته الفنية مع ملحنين كثر، أبرزهم عثمان السيد، الذي لحن له «دارت الأيام»، من كلمات عبدالخضر عباس، و»لو بيديني» من كلمات أحمد اليتيم، و»تمنيت لو النجمة» من كلمات سليمان المرداس، الذي كتب له أيضا أغنيتي «شموع الحب» و«هو حبي»، و«وعدتك» من كلمات محمد محروس، و«قولوا لحبيبي»
لم يود الحريبي أن يكون بعيداً عن التجديد، إذ قرر التعاون في الثمانينيات مع مجموعة من العناصر الشبابية، وخصوصاً في مجال الكلمة، حيث قدم أغنية «يا قلبي من أنت»، ألحان عبدالله أبوغيث، وأغنية «من كثر شوقي»، تأليف ناشي الحربي وألحان ناجي البعيجان
وغنى الحريبي من كلمات الشاعر ماجد المهنا أكثر من أغنية، من تلك الأعمال «شيلات» وطنية من ألحان د. بندر عبيد مع هدى حسين وسارة المعتوق
من أقواله
• «أغنياتي قدمتها عن اقتناع تام، لذا لا أجد هناك مفاضلة بينها»
• أحسست بعطش الناس إلى التراث والماضي. وجدت لديهم قبولا لتراثنا العريق حينما أقدمه بشكل محبب جميل
• كانت الأغنية الكويتية قديما تقدم كلمات وألحانا ذات قيمة فنية عالية وتستند على إرث مدروس
• ثمة أصوات ممتازة، قد لا تنجح جماهيريا، لكنها أصوات مميزة قوية، فلابد أن تتكفل بها وزارة الإعلام
• الفن ليس له وطن، ولا يوجد له تصنيف في بلدان العالم كله، أحب الفن للفن من دون النظر إلى المردود المادي
• الفولكلور هو المرآة الصادقة لكل وطن عربي، وهو الهوية التي تحدد ملامح هذا البلد، ثقافته وحضارته، ولابد لكل مطرب من أن يتأثر به كي يكون مختلفا ومتميزا عن زملائه في أرجاء الوطن العربي
• السبب في تدهور الأغنية الكويتية غياب لجان سماع الصوت واللحن، وإجازة النصوص التي كانت موجودة سابقا، ومن يتحكم الآن هو شركات الإنتاج
• نحن من بدأنا المهرجانات، أقمنا مهرجان التلفزيون عام 1982
وزير الإعلام ينعى الحريبي
نعى وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان الحمود ببالغ الأسى والحزن والألم أحد أعمدة الحركة الفنية والغنائية بدولة الكويت والخليج العربي الفنان صالح الحريبي الذي وافته المنية عن عمر يناهز 70 عاما
وقال الحمود لـ«كونا» إن رحيل الفقيد الحريبي يمثل خسارة كبيرة للأسرة الفنية الكويتية والخليجية والعربية على حد سواء، لما كان يتمتع به من دماثة خلق وإبداعات فنية كبيرة
وأضاف أن الراحل أحد رواد الفن في ستينيات القرن الماضي بما ملكه من صوت جميل قدم خلال رحلته الفنية ألوانا متنوعة من الفن كالتراث الشعبي والمقامات العربية والشرقية لكبار الفنانين العرب ومن أشهر أعماله أغنية «برق تلالا» وظهوره في مسلسل «درب الزلق» الشهير بأغنية «على بلد المحبوب وديني» كما قدم الراحل برنامج «محمل الفنون» على تلفزيون دولة الكويت
وتقدم الحمود بخالص العزاء لأسرة الفقيد الفنان الكبير وللأسرة الفنية الكويتية والخليجية، داعيا المولى تعالى أن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله ومحبيه جميل الصبر والسلوان
حكاية أولى أغنياته «ليش بس يعني؟في أحد الأيام زار الفنان صالح الحريبي يوسف المهنا بمنزله في حولي، وصادف أن نُشر خبر في إحدى الصحف المحلية عن الحريبي مفاده: ظهور صوت جديد يغني للمرة الأولى في مدرسته بمنطقة كيفان
ولأن الحريبي يعرف أن يوسف المهنا يعزف على العود، فقد طلب منه أن يعزف له، فأسمعه لحنا جميلا حديثا وكلمات جديدة أعجب بها، فسأله: هل هذا لحنك؟ فرد عليه المهنا: إنه لحني وكلماتي، فقال الحريبي: «أريد هذه الأغنية»، وحفظها في اليوم نفسه، وأخبر المهنا بأنه سيسجلها في الإذاعة
كانت تلك اللحظات بالنسبة ليوسف المهنا بمنزلة حلم، وفي اليوم الثاني اصطحبه الحريبي إلى الإذاعة
البداية كانت عند المسؤول عن قسم الموسيقى في الإذاعة الكويتية القديمة، آنذاك، فعلم أن لدى المهنا لحناً عاطفياً وآخر وطنياً، فقرأهما وحولهما إلى الفنان نجيب رزق الله، الذي طلب من المهنا أن يسمعه اللحن، فعزف وغنى «ليش بس يعني؟». أعجب به رزق الله، وقال له: «وكمان صبا؟»، يقصد صعوبة هذا المقام وإمكاناته الفنية المحصورة في مكان معين
وأضاف: «أنت الآن ملحن، لكن أمام خيارين يجب أن تعدني بأن تطور قدراتك في العزف، وتحاول تعلمه على أيدي أساتذة العود
عبدالرحمن الحريبي يتذكر اللحظات الأخيرة
وبصوت خافت وبنبرة حزينة، قال الفنان عبدالرحمن الحريبي، ابن الراحل، إن والده وافته المنية فجر أمس الساعة الواحدة والنصف، عقب توقف عمل القلب والرئة، وفق ما ذكر له الأطباء في مستشفى الفروانية
واستذكر الحريبي الصغير معاناة والده مع مرض القلب والرئة منذ عام 2009، التي كانت تشتد عليه على فترات متباعدة خلال الأعوام الماضية، فقد كان يعاني يرحمه الله منذ تبعات هذه النوبات التي تعكر عليه صفو حياته
وقال: «لا أجد المفردات التي تمنح والدي حقه في كلمة رثاء أو شهادة من شخص عاش في كنفه، اليوم نفقد أباً نقياً ومربياً فاضلاً وفناناً كبيراً أفنى حياته في خدمة الفن وإسعاد الناس، فقد كان لنا السند والعون خلال أحلك الظروف التي نعيشها، فلم نشاهده يوماً منكسراً، بل كان دائماً يأمل بتجاوز العثرات والتفوق عليها بالإصرار والعزيمة، وأشكر كل الذين ساندونا في هذا المصاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق